الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم **
قد أحصى بعض القدماء المعادن المعروفة كالجص والنورة فوجدوها سبعمائة معدن. ذكر البحار أخبرنا ابن الحصين أخبرنا ابن المذهب أخبرنا أحمد بن جعفر أخبرنا عبدالله قال حدثني أبي أخبرنا يزيد أخبرنا العوام قال: حدثني شيخ كان مرابطًا بالساحل قال: لقيت أبا صالح مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: أخبرنا عمر بن الخطاب عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ليس من ليلة إلا والبحر يشرف على الأرض ثلاث مرات يستأذن الله في أن يتنصح عليهم فيكفه الله عز وجل ". وروى محمد بن شعيب بن شابور عن عمر بن يزيد المنقري: أن بحرنا هذا خليج من قنطس وقنطس خلفه محيط بالأرض كلها فهو عنده كعين على سيف البحر ومن خلفه الأصم محيط بالأرض كلها فقنطس وما دونه كعين على سيف البحر ومن خلفه البحر المظلم محيط بالأرض كلها فالأصم وما دونه كعين على سيف البحر ومن خلفه الماس محيط بالأرض كلها فالمظلم وما دونه عنده كعين على سيف البحر ومن خلفه الباكي وهو ماء عذب أمره الله تعالى أن يرتفع فأراد أن يستجمع فزجره فهو باكي يستغفر اللّه محيط بالأرض كلها فالماس وما دونه عنده كعين على سيف البحر ومن خلفه العرش محيط بالدنيا فالباكي وما دونه عنده كعين على سيف البحر. قال أبو الحسين ابن المنادي: ثم بلغنا آن البحر المعروف بالقنطس را من وراء قسطنطينية يجيء من بحر الخزر وعرض فوهته ستة أميال فإذا بلغ أندس صار بين جبلين وضاق حتى يكون عرضه علوه منهم بين أندس هذه وبين قسطنطينية مائة ميل في مستوَى من الأرض ثم يمر الخليج حتى يصب في أرض الشام وعرضه عند مصبه ذلك مقدار علوه منهم وهنالك زعمو صخرة عليها برج فيه سلسلة تمنع ا المسلمين من دخول الخليج وطول الخليج من بحر الخزر إلى بحر الشام ثلاث وعشرون ميلًا ينحدر الراكب فيه من بحر الخزر وتلك النواحي ويصعد فيه من بحر الشام إلى القسطنطينية. قالوا: وأما البحر الذي خلف الصقالبة فلا يجري فيه الفلك ولا القوارب ولا يجيء منه خبر. وإما البحر الغربي فممنوع من الخير وفي ركوبه خطر وليس من البحر أعظم بركة من البحر الشرقي وطوله من القلزم إلى العد قواق وذلك مقدار آربعة آلاف وخمسمائة فرسخِ فيجيء من السند الخيزران والقثا والقسط ويجيء من سندان الساج والقثا أيضًا ويجيء من مل الفلفل وعلى كل عنقود من عناقيد الفلفل ورقة تكنّه من المطر فإذا انقطع حين المطر ارتفعت العدق عنه فإذا عاد المطر عادق عليه ويجيء من سرنديب الماس وهناك الياقوت ويجيء من جزيرة الرامي البقم ويقال أن عروق البقم نافع من سم سباعة الأفاعي وقد جربه البحريون من لدغ أفعى ويجيء من هناك الخيزران أيضًا ويجيء من جزيرة لبكيا لوس النارجيل ومن جزيرة كله وهي معدن الرصاص ومن جزيرة الخيزران أيضًا ومن جزيرة صالوس الكافور ومن جزيرة جابه وشلامط السنبل والصندل والقرنفل ومن الصين المسك والعود والجولنجان والدارسيني ومن الوقواق الذهب والأبنوس ومن الهند العود والكافور وجوزبّوا ومن اليمين العنبر والورس. وقال بعض العلماء: أعظم البحار بحر فارس وبحر الروم وهما خليجان متقابلان يأخذان من البحر المحيط وأعظمها طولًا وعرضًا بحر فارس وبحر القلزم وهو الذي انفلق لموسى عليه السلام وغرق فيه فرعون. والأرض كلها مستديرة والبحر المحيط مختف بها كالطوق. وفي البحار ما لا يعيش فيها حيوان أصلًا إما لشدة حرارة مائة أو لشدة برده. والبحر الغربي لا يجري فيه السفن لأن فيه جبالًا من حجارة المغناطيس إذا انتهت السفن إليها جذبت ما فيها من المسامير فأسقطت وفيه سمك على صورة الناس. وفي بحر الهند حيتان تبلع القارب وفيه سمك طيارة. وفي بحر الشرقي سمك طول السمكة مائة باع ومائتا باع وسمك بمقدار الذراع وجوهها كوجوه البوم وسمك على خلقة البقر يعمل من جلودها الدرق وسمك على خلقة الجمال وسمك طول السمكة عشرون ذراعًا في جوفها مثلها وفي الآخرى مثلها إلى أربع سمكات وسلاحف دوران السلحفاة عشرون ذراعًا وفي بطنها مقدار ألف بيضة. وذكر أبو عبد الله أحمد بن محمد بن اسحاق الفقيه في كتاب البلدان فقال: قال ابن عباس الزرقي: البحار أربعة: البحر الكبير الذي ليس في العالم أكبر منه هو يأخذ من المغرب إلى القلزم وهو مر مالح لا يستمد من غيره وهو يمر من القلزم على وادي القرى ثم يمر إلى جدة ثم يبلغ عدن ثم الشحر ثم إلى بربر ثم إلى عمان فيمر بالديل وفيه جزائر لا يحصى وفيه أربعة آلاف فرسخ وخمسمائة فرسخ وعرضه مثل ذلك. ويخرج من هذا البحر خليج من ناحية القبلة حتى بلغ ايلة البصرة. ثم البحر الغربي الرومي من أنطاكية إلى قسطنطنية ثم يدور آخذًا إلى ناحية الدبور حتى يخرج خلف باب الأبواب من ناحيهَ الخزر وعليه المدن وفيه جزيرة فيها اثنا عشر مدينة وعليه من ناحيِة مصر ودمياط وعليه جزائر ثلاثمائة وعليه بلاد أسقلية وفي هذه الجزائر والسواحل ملوك متوجون لا يردون الطاعة إلى صاحب قسطنطينية. والبحر الثالث: الخراساني عليه جبال موقان وطبرستان وري وجرجان حتى يبلغ خوارزم وفي الجانب الشمالي أربعة آلاف ومائة مدينة وفي يد ملك النوبة ألف مدينة من العين وفي ناحية الشمال ثلاثة بحور ويقال أن بحر الهند طوله من المغرب إلى المشرق ألف ميل وعرضه آلفا ميل وسبعمائة ميل وبجانبه جزيرة يستوي فيها الليل والنهار وفيه من الجزائر ألف وثلاثمائهَ وستون جزيرة فيها جبال ومبلغ الأقاليم السبعة ثمانية وثلاثون ألف فرسخ وعرضها ألف وتسعمائة وخمس وتسعون فرسخًا. وذكروا أن الفلك ثلاثمائة وستون درجة محيط بالأرض كالمحة في جوف البيضة ويحيط بالبحرمن أسفل وفوق. والأرض في وسط الفلك. قال أبو عبد الله الفقيه: قد جعل الله سبحانه وتعالى لكل بحر جزرًا ومدًا وفي بحر فارس الماء ثلاثون باعًا إلى سبعين باعًا وفيه اللؤلؤ الجيد ثم بعد ذلك بحر فيه ملوك من العرب يكون على الزنج والصقالبة وفي هذه الجزيرة عنبر كثيرة فيله لا يحصى وجزائر الواق ألف وسبعمائة جزيرة ملكتها امرأة. قال موسى بن المبارك السيرافي: دخلت مملكتها فرأيتها تقعد لأهل مملكتها عريانة على السريروعليها تاج وعلى رأسها أربعة آلاف وصيفة عراة أبكار. وفي بلادها من السمك ما يكون مائة ذراع ومائتي ذراع يخاف على السفر منها أن يضربها بأجنحتها فتغرق المركب فإذا سلك المركب هناك ضربوا بالخبث بالليل كله مخافة من هذا السمك وفيه سلاحف السلحفاة استدارت عشرون ذراعًا يخرج من بطن الواحدة ألف بيضهَ وفيه طين يجمع على رأس الماء أشياء وتبيض عليها وتحضنه. وفيه سمك على خلقة البقر. وثم جزيرة سرنديب فإذا مات الميت هناك قطع أربعة أرباع واحرق بالنار وأهله ونساؤه يتهافتون حوله حتى يحرقوا أنفسهم معه. وثم الكركورن وناس حفاة عراة لا يفهم كلامهم مأواهم رؤوس الشجر وطعامهم ثمر الشجر ويستوحشون من الناس وهناك أشجار الكافور تُظل الشجرة مائة رجل ومائتين ويسيل الكافور كما يسيل الصمغ ومن ورائهم قوم يأكلون الناس مأواهم رؤوس الجبال ثم هناك جزيرتان فيهما قوم سود يأكلون الرجال دون النساء وبعد ذلك يخرج فيه حيات يبتلع الرجال وثم قردة بيض كالجواميس وسنانير لها أجنحة والبد صنم بالهند يحجون إليه من مسيرة سنة وأكثر ويتقربون إليه وطوله أرجح من عشرين ذراعًا على صورة رجل ويزعمون أنه نزل من السماء وهو من حجر ألبس صفائح من ذهب وله سدنة ويمار في الرجل وقد لف على أصابعه قطنًا وصب عليها دهنا ويشعل فيها النار فلا يزال واقفًا حتى يحترق وبين الهند والصين ثلاثون ملكًا أصغر ملك بها يملك ما يملكه العرب ومن ذبح ببلاد الهند بقرة يذبح.
: تشبيهًا بالبحر ولانبساطها وخروجها عن حدود الأنهار كبطائح البصرة المتصلة بدجلة وبحيرة طبرية بدمشق وبحيرة بنواس والماء المستطيل بعمق أنطاكية ومياه الأودية التي يسكن فيها ذكر الأنهار والعيون أخبرنا هبة الله بن محمد الشيباني قال: أخبرنا الحسن بن علي التميمي قال: أخبرنا أحمد بن جعفر قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا عفان وأخبرنا عبد الأول بن أحمد قال: أخبرنا الدَرَاوْردي قال: أخبرنا ابن أعين قال: حدثنا البخاري قال: حدثنا هدبة قالا: حدثنا همام عن قتادة عن أنس بن مالك أن مالك بن صعصعة حدثه عن النبي صلى الله عليه وسلم بحديث المعراج قال: " ثم رفعت إلى سدرة المنتهى وإذا أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران فقلت: ما هذا يا جبريل قال: أما الباطنان فنهران في الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات ". أخرجاه في الصحيحين. أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الصلت قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن مخلد قال: قرأت على العباس بن اليزيد قلت له: حدثكم مروان بن معاوية عن ادريس الأودي عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " نهران من الجنة النيل والفرات ". أخبرنا عبد الرحمن قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا أبو الفتح ابن أبي الفوارس قال: أخبرنا أحمد بن يوسف بن خلاد قال: حدثنا الحارث بن محمد قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " فجرت أربعة أنهار من الجنة: النيل والفرات وسيحان وجيحان ". وفي حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ينزل في الفرات كل يوم مثاقيل من بركة الجنة ". وروى أبوعميس عن القاسم قال: " مد الفرات فجاء برهانه مثل البصير وكانوا يتحدثون أنها من الجنة ". أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر بن ثابت قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد الواعظ قال: حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار قال: حدثني أبو بكر محمد بن ادريس الشعراني قال: حدثنا موسى بن إبراهيم الأنصاري عن اسماعيل بن جعفر المدني عن عثمان بن عطاء عن أبيه قال: أوصى الله تعالى إلى دانيال أن احفر لي سيبين نهرين بالعراق قال دانيال: إلهي بأي مكاتل وبأي مساحي وبأي رجال وبأي قوة أحفر لك هذين النهرين فأوحى الله إليه أن أعدً سكةً من حديد واجعلها في خشبة والقها خلف ظهرك فإني باعث إليك الملائكة يعينونك على حفر هذين السيبين. فحفر وكان إذا انتهى إلى أرض أرملة أو يتيم حاد عنها حتى حفر دجلة والفرات ". أخبرنا عبد الرحمن قال: أخبرثا أحمد بن علي قال: أخبرنا علي بن محمد بن علي بن يعقوب قال: أخبرنا أحمد بن يوسف بن خلاد قال: حدثنا الحارث بن محمد قال: حدثنا سعيد بن شرحبيل عن ليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير قال: قال كعب: نهر النيل نهر العسل في الجنة ونهر دجلة نهر اللبن في الجنة ونهر الفرات نهر الخمر في الجنة ونهر سيحان نهر الماء في الجنة قال: قال الله: نورهن ليصيرهن إلى الجنة. أخبرنا عبد الرحمن قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن ابراهيم الشافعي قال: حدثنا محمد بن اسماعيل السلمي قال: حدثنا سعيد بن سابق قال: حدثني سلمة بن علي عن مقابل بن حبان عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أنزل الله من الجنة إلى الأرض خمسة أنهار: سيحون وهو نهر الهند وجيحون وهو نهر بلخ ودجلة والفرات وهما نهرا العراق والنيل وهو نهر مصر. أنزلها اللّه تعالى من غير واحدة من عيون الجنة من أسفل درجة من درجاتها على جناحي جبريل عليه السلام فاستودعها الجبال وأجراها في الأرض وجعل فيها منافع للناس في أصناف معايشهم فذلك قوله تعالى: فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج أرسل اللّه تعالى جبريل فرفع من الأرض القرآن والعلم كله والحجر من ركن البيت ومقام ابراهيم وتابوت موسى بما فيه. وهذه الأنهار الخمسة فرفع كل ذلك إلى السماء فذلك قوله تعالى: فإذا رفعت هذه الأشياء من الأرض فقد خير الدين والدنيا فقد جاء في حديث آخر: " نهران مؤمنان ونهران كافران فأما المؤمنان فالنيل والفرات وأما الكافران فدجلة ونهر بلخ ". قال ابن قتيبة: قال ذلك على وجه التشبيه لأن النيل والفرات يعرضان على الأرض ويسقيان بلا تعب ولامؤونة ودجلة ونهر بلخ لا يسقيان إلا قليلًا بتعب مؤونة فهذان في قلة النفع كالكافرين وهذان في كثرة النفع كالمؤمنين. مخارج الأنهار قال أبو العالية: كل ماء عذب في الأرض من أصل الصخرة التي في بيت المقدس يهبط من السماء ثم يتصرف في الأرض. قال أبو الحسين بن المنادي: مخرج نهر بلخ واسمه جيحون من جبال التبت ثم يمر ببلخ والترمذ وخوارزم حتى يصب في بحر جرجان ومخرج مهْران وهو نهر السند من جبال سندان ثم يمر بالبصرة ويصب في بحر الشرقي الكبير بعد أن يحمل منه أنهار بلاد الهند. ومخرج الفرات من قاليقلا حتى يمر بأرض الروم ويستمد من عيون حتى يخرج على ميلين من ملطية ثم يبلغ إِلى شمشاط فتحمل من هناك السفن ثم تبلغ إلى الكوفة من فوق دقما وإلى حلة من هناك أيضاَ وتصب في دجلة. ومخرج دجلة من جبال آمد ثم يستمد من عيون كثيرة من نواحي أرمينية ثم يمر ببلد ومن هناك تحمل السفن وتستمد من الزاب الأعلى والزاب الأسفل وتصب في البطائح ثم يصب البطائح في البحر الشرقي. وفي بعض الكتب السالفة أن الشياطين حفرت دجيل لسليمان بن داود واحتفر هو في نهر الملك فإن الشياطين لما حفرت دجيل ألقت ترابه بين خانقين وقصر شيرين ومخرج الراسي نهر أرمينية من قاليقلا ومنتهاه بحر جرجان. ومخرج الزابين من جبال أرمينية ثم يصبان في دجلة يصب الكبير بالحديثة والصغير بالسن. ومخرج النهروان من جبال أرمينية ثم يمر بباب الصلولي ويسمى هناك تامرًا ويستمد من القواضل فإذا مر بباب كسرى سمي النهروان ثم يصب في دجلة أسفل جبل. ومخرج الخابور من رأس عين ويستمد من الهرماس ثم يصب في الفرات بقيرقيسيا. ومخرج نيل مصر من جبال القمر ثم يصب خلف بحرين خلف خط الإستواء ويطيف بأرض النوبة ويجيء إلى مصر فيصير بعضه بدمياط في البحر الرومي ويسقي باقيه القسطنطينية حتى يصب أيضًا في البحر الرومي. ومخرج الهيد ميذ من جبال سجستان وله من ورائها مفيض عظيم إلى صراة في فضاء من الأرض وحول ذلك البساتين والمزارع يسير على سمت مستقيم ثم يعوج حتى يحاذي مجاذب توديه إلى البحر الشرقي. ويخرج سيحان نهر أذنه من بلاد الروم ثم يمر على موضع من بلاد أرمينية ثم يمتد إلى اذنه وهناك يدعى سيحان ثم يسير حتى يصب في البحر الشامي. ومخرج جيحان نهر المصيصة من بلاد الروم على مراحل منها ثم يِصب في البحراللبناني ويستمد من وادي الزنج ثم يصب في البحر الشامي. ومخرج الأرند نهر أنطاكية من أرض دمشق مما يلي طريق البربر وهويجري مع الجنوب ولذلك يدعى المقلوب ثم يصير في البحر الرومي. ومخرج نهر دمشق من ذلك الموضع ويسقي الغوطة ثم يصب في بحيرة دمشق. ومخرج قويق نهر حلب من قرية تدعى سبتات على سبعة أميال من دابق ثم يمر إلى حلب ثمانية عشر ميلًا ثم إلى مدينة قنسرين اثني عشر ميلًا ثم يفيض في الأجمة هذه المشتهرة بالذكر وقد أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: ذكر بعض من تقدم من العلماء بأخبار الأوائل أن ملك الأردوان وهم النبط كان في السواد قبل ملك فارس وأن النبط هم الذين استنبطوا الأرض وعمروا السواد وحفروا الأنهار العظام ويقال لهم ملوك الطوائف قال: وحكى الهيثم بن عدي عن عبد اللّه بن عياش قال: ملك النبط سواد العراق ألف سنة وكان حد ملك النبط الأنبار إلى عانات كسكر إلى ما والاها من كور دجلة إلى جوخي. وكانت سرة الدنيا في أيد النبط واعتبر ذلك أن الفرات ودجلة ينصبان من الشام والجزيرة ولا ينتفع بهما حتى يأتيا بلادهم فيفجرونها في كل موضع ثم يسوقون بقيتهما إلى البحر وكان ملكهم ألف سنة وإنما سموا نبطًا لأنهم انبطوا الأرض وحفروا الأنهار العظام منها الصراة العظمى. ونهر آبا ونهر سورا ونهر الملك وحفروا الصراة العظمى فيروز حشش وحفر نهر آبا أبا ابن الصامغان وحفر نهر الملك أفقورشة وكان آخر ملوك النبط ملك مائتي سنة ثم وليت ملك فارس فحفروا أنهار كوثى والصراة الصغرى التي عليها ابن هبيرة وكل سيب بالعراق. ثم حفروا النهروان. وقال غيره: حفر الصراة العظمى أفريدون وحفر أقفور بن بلاش نهر الملك وحفرآبا ابن الصمغان نهر الأنبار وبنى قناطر هذا النهر قباد بن فيرون وحفرت خماني بنت بهمن أردشير تامرا وهو القاطول الأول وشقت منه أنهارًا وحفر أردشير دجيل وحفر الزاب زو بن الطهما سب وحفر براز الروز رجل من فارس اسمه بران وحفر الحجاج النيل وحفر خالد بن عبد الله القسري نهر الصلح ونهر المبارك وحفر الرشيد قاطول نهر السلام وهو عمود نهرين واستخرج منه الخالص. وذكر القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار قال: أول العيون عين تخرج من جبل القمر وراء خط الاستواء ثم ينبعث منها عشرة أنهار ويخرج منها بحرهو نيل مصر حتى يمر بمدينة النوبة ويقطع الإقليم الأول حتى يجاوره إلى الاقليم الثاني ثم يمد إلى مصر ثم ينقسم النيل سبعة أقسام يمر الغربي منها إلى الإسكندرية. ومسير النيل من ابتدائه إلى انتهائه ألفا ميل ونيفًا. وعين أخرى مركزها تحت خط الاستواء يخرج منها نهر يمر إلى النيل حتى يصب فيه عند مدينة النوبة. وعين أخرى في جزيرة الفضة التي في بحر الصين يخرج منها ثلاثة أنهار تصب في البحر. وعين أخرى من وراء خط الاستواء يخرج منها نهران يصبان في البحر. قال: وفي الإقليم الأول من الأنهار والعيون ثلاثة وعشرون كلها جارية إلا عينًا وا حدة. وفي الإقليم الثاني من الأنهار والعيون أربعة وعشرون والبحيرة المعروفة بطبرية وهي مدورة مقدارها ثلاثة وثلاثون ميلًا ويخرج منها نهر يمر على قرب أنطاكية حتى يصب في البحر. وفي الإقليم الرابع أنهار وعيون لم يذكر عددها. وفي الإقليم الخامس خمسة وعشرون نهرأ منها دجلة تخرج من بين جبلين عند مدينة آمل وتصير إلى بلد ثم الموصل ثم المدينة ويصب إلى بغداد ثم إلى واسط ثم البطائح ثم يفترق فرقتين فرقة تمر إلى البصرة وفرقة إلى المدار ويصب الجميع إلى بحر فارس ومسافتها ثمانمائة ميل ونصف. وفي الإقليم السادس ستة وعشرون نهرًا منها الفرات أولها من عين في بلد الروم وطولها عند طلوعها في بلد الإسلام سبعمائة وخمسة وثلاثون ميلًا. وفي الإقليم السابع ثمانية وعشرون نهرًا منها جيحان يصب في بحر الشامي وطوله سبعمائة ونيف وثلاثون ميلًا وفيه نهر بلخ. أخبرنا ابن الحصين قال: أخبرنا ابن المذهب قال: أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا معتمر بن سليمان عن الصباح بن أشرس قال: سئل ابن عباس عن المد والجزر فقال: إن ملكًا موكل بقاموس البحر فإذا وضع رجله فاضت ذكر طرف من عجائب ما في الأرض انبأنا محمد بن ناصر قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد الكسائي قال: أخبرنا أبو نصر عبد الوهاب بن عبد الله المري قال: حدثنا عبد الوهاب بن الحسن الكلابي قال: أخبرنا علي بن محمد بن كاس النخعي قال: حدثنا خضر بن أبان قال: حدثنا منصور بن عمار قال: حدثنا ليث بن سعد عن عقيل بن خالد عن شفي بن ماتع عن عبد الله بن عمرو قال: من العجائب التي وصفت في الدنيا أربع: منارة الإسكندرية عليها مرآة من حديد يقعد القاعد تحتها قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فيرى من بالقسطنطينية وبينها عرض البحر وسوداني من نحاس على قضيب من نحاس على الباب الشرقي برومية فإذا كان أوان الزيتون صفَّر ذلك السوداني صفرة فلا تبقى سودانية تطير إلا جاءت معها بثلاث زيتونات في رجليها وزيتونة في منقارها فألقته على ذلك السوداني فيحمله أهل رومية فيعصرون ما يكفيهم لسرجهم وإدامهم إلى العام المقبل. ورجل من نحاس بأرض اليمن ما بين الشجر مادًا يده إلى وراء كأنه يقول: ليس ورائي مذهب ولا مسلك وهو أرض رجراجة لا تستقر عليها الأقدام غزاها ذو القرنين في سبعين ألفا فخرج عليهم نمل كنجاتي وكانت النملة تخطف الفارس عن سرجه. وبطة من نحاس بين عمود من نحاس فيما بين الهند والصين بأرض يقال لها كثار فإذا كان يوم عاشوراء شربت البطة من الماء حاجتها ومدت منقارها فيفيض من فيها الماء ما يكفيهم لزروعهم ومواشيهم إلى العام المقبل. وقد روي لنا هذا الخبر على وجه آخر فأنبأنا محمد بن ناصر قال: أنبأنا عبد المحسن بن محمد قال: أخبرنا أبو أحمد عبد اللهّ بن محمد الدهان قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن الحسين البردعي قال: حدثنا أبو هريرة أحمد بن عبد اللهّ بن أبي العصام قال: حدثني اسحاق بن ابراهيم الأزرق قال: حدثنا محمد بن أبي موسى قال: حدثنا حجاج بن أبي لهيعة عن أبي قسيل عن عبد اللّه بن عمرو عن العجائب التي وضعت في الدنيا أربع: مرآة كانت معلقة بمنارة الإسكندرية فكان الجالس يجلس تحتها فيرى مَن بالقسطنطينية وبينها عرض البحر وعمود من نحاس بأرض رومية فإذا كان لقاط الزيتون لم يبق سودانية إلا جاءت إليه بثلاث زيتونات فيعصرها أهل رومية لادامهم ومصابيحهم وفرس من نحاس عليه راكب من نحاس بأرض طليلة قريبة من قرى الأندلس من خلفها بأرض رجراجة لا يطأ عليها أحد إلا ابتلعه والفرس قافل بيده هكذا مكتوب في جبهته ليس ورائي مسلك وعمود من نحاس عليه شجرة من نحاس تمثال عاد فإذا كان أشهر الحرم هطل منها الماء فملىء منه الحياض ويشرب الناس منه وسقطوا ظهورهم فإذا تصرمت أشهر الحرم انقطع ذلك عنهم. أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك قال: أخبرنا أبو الحسين بن عبد الجبار قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الله بن خلف قال: حدثنا جدي محمد بن عبد الله قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن حاتم قال: حدثنا عمرو بن شبة قال: حدثنا سليم بن منصور بن عمار عن أبيه قال: حدثني عبد ربه عن نافع عن أبي مدرك السعدي قال: أتيت طليلة من وراء الأندلس فرأيت صنمين من نحاس رؤوسهما في الهواء قائمين على رجل واحدة كل واحدة منها واضع كفه اليسرى بين عينيه مكتوب: ليس خلفي مسلك. قال: وقد أخبرني أناس من أهل تلك الناحية أن ذا سرح الملك سار في الجموع حتى وصل إلى تلك الناحية فخرج عليه خلق يشبه النمل وإن كانت الدابة من تلك الدواب لتخطف برجليها رجلين وتأخذ الرجل. مع بقرة معه فتحمله فما يقدر على نفسه فلما رأى ذلك ذو سرح الملك انصرف بالجمع. وقد ذكر بعض العلماء في العجائب: أنه بأرض مصر أسطوانتان من بقايا أساطين كانت هناك في رأس كل اسطوانة طوق من نحاس يقطر من أحديهما ماء من تحت الطوق إلى نصف والهرمتان بمصر سمك كل واحد منهما أربعمائة ذراع طولًا في أربعمائة ذراع عرضًا كلما ارتفع البناء دق وهما من رخام ومرمر مكتوب عليها طب وسحر وتحتَ ذلك مكتوب: " إني بنيتها بملكي فمن يدعي قوة في ملكه فليهدمها فإن الهدم أيسر من البناء ". قال أبو الحسين أحمد بن جعفر: وبلغنا أنهم قدروا فإذا خراج الدنيا مرارًا كثيرة لا يقوم بهدمها ويقال إنه ما من بناء بالحجارة أبهى من كنيسة حمص ولا بناء بالآجر والجص أبهى من ايوان كسرى بالمدائن ولا منارة أعجب من منارة الاسكندرية ولا بناء بالحجارة أحكم ولا أبهى من شاذروان تستر لأنها بالصخر وأعمدة الحديد وطاط الرصاص. وأعجب من هذا كله سد ذي القرنين الذي أمده الله لبنائه وسيأتي ذكره في أخبار في القرنين إن شاء الله. ومن العجائب: نار بصقلية تجيء بالهند وبالأندلس تشعل في حجارة ولا يمكن أن يوقد منها. وأهل اليمن يمطرون في الصيف وليس بصقلية نمل. ومن العجائب: بيتان وجدا بالأندلس عند فتحها في مدينة الملوك ففتح أحد البيتين وهو بيت المال فوجد فيه أربعة وعشرون تاجًا عدة ملوكهم لا يدرى ما قيمة التاج منها وعلى كل تاج اسم صاحبه ومبلغ سنه وكم ملك من السنين ووجد فيه مائدة سليمان بن داود. ووجد على البيت الآخر أربعة وعشرون قفلًا كان كلما ملك ملك منهم زاد قفلًا ولا يدرون ما في البيت فلما ملك آخر ملوكهم قال: لا بد لي من أن أعرف ما في هذا البيت وتوهم أن فيه مالًا فاجتمعت إليه الأساقفة والشمامسة وأعظموا ذلك وسألوه أن يأخذ بما فعله الملوك قبله فأبى وقال: انظر ما تحطب على مالك من مال يظن أنه فيه فنحن ندفعه إليك من أموالنا فلا تفتحه. فعصاهم وفتح الباب فإذا فيه تصاوير العرب على خيولهم بعمائمهم ونعالهم وقسيهم ونبلهم فدخلت العرب جزيرة الأندلس في السنة التي فتح فيها الباب. ووجد قتيبة بن مسلم بمدينة تدعى بيكند قدورًا عظامًا يصعد إليها بسلاليم. أنبأنا محمد بن ناصر الحافظ قال: أنبأنا جعفر بن أحمد السراج قال: أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن عمر بن شاهين قال: حدثنا أبي قال: حدثنا علي بن محمد بن أحمد المصري قال: حدثنا عبد الله بن عيسى المدني قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر قال: حدثني هشام بن محمد بن السائب قال: حدثني حفص بن عمر بن النعمان البخاري قال: حدثني أبي عن جدي قال: سمعت حميدًا دهقان الفلوجة السفلى وكان عمر قد فرض له في ألفي مع عدة من الدهاقين قال: كان ببابل سبع مدائن في كل مدينة أعجوبة ليست في الأخرى وكان في المدينة الأولى التي منها ملكها تمثال الأرض جميعًا فإذا أتوى عليه بعين أهل مملكته بخراجها خرق أنهارها عليهم فعرفت حيث كانت فلا يستطيعون لها سدًا حتى يؤدون ما عليهم فإذا سدها عليهم في وفي المدينة الثانية حوض فإدا أراد الملك أن يجمعهم لطعامهم إلى من أحب منهم بما لا أحب من الأشربة نصبه في ذلك الحوض فاختلط جميعًا ثم تقدم السقاة فأخذوا الآنية فمن صب في انائه تنينًا صار في شرابه الذي جاريه. وفي المدينة الثالثة طبل إذا غاب من أهلها غائب فأرادوا أن يعلموا أحي هو أم ميت أتوا الطبل فضربوه فإن كان حيًا صوت الطبل وإن كان ميتًا لم يسمع له صوت. وفي المدينة الرابعة: مرآة من حديد إذا غاب الرجل عن أهله فأحبوا أن يعلموا حاله كيف هو أتوا المرآة فنظروا فيها فأبصروه على حاله التي هو عليها. وفي المدينة الخامسة: أوزة من نحاس إذا دخل المدينة غريب صوتت صوتًا فسمعه جميع أهل المدن فيعلم أنه دخلها غريب. وفي المدينة السادسة: قاضيان جالسان على الماء فيجيء المحق والمبطل فيمشي المحق على الماء حتى يجلس مع القاضي ويغمس المبطل في الماء. وفي المدينة السابعة: شجرة لا تظل إلا ساقها فإن جلس تحتها رجل إلى ألف أظلتهم وإن زاد واحد جعلوا كلهم في الشمس. أول من سكن الأرض الجن وما زالوا يعمرون الأرض ويعبدون اللّه عز وجل حتى طال عليهم الأمد فيتناول بعضهم بعضًا فنهاهم بعض ملوكهم واسمه يوسف ويقال إنه كان نبيًا ولا يثبت مثل هذا فأرسل الله عليهم جندًا من الملائكة فيهم ابليس فأجلوهم عن الأرض. وروى الضحاك عن ابن عباس قال: كان الجن سكان الأرض والملائكة سكان السماء وهم عمارها لكل سماء ملائكة ولكل أهل سماء صلاة وتسبيح ودعاء فكل أهل سماء أشد عبادة وأكثر دعاء وصلاة وتسبيحًا من الذين تحتهم. وقد قال بعض العلماء: عمروا الأرض ألفي سنة. وقال بعضهم: أربعين سنة. وروى سماك بن حرب عن بشر بن قحيف عن ابن عباس قال: إن الكلاب من الجن وهي من ضعفاء الجن. وقد روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله لعن شيطان الجن فمسخهم دواب في الأرض فهي هذه الكلاب السود وهي الجن ". ياب ذكر سكان الأرض روى عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله تعالى خلق ألف أمة ستمائة منها في البحر وأربعمائة في البر ". وقد روينا نحو هذا عن يحيى بن أبي كثير موقوفًا. وقال وهب بن منبه: " إن لله تعالى ثمانية عشر ألف عالم الدنيا من ذلك واحد ". وقال أبو العالية: الجن عالم والإنس عالم وسوى ذلك ثمانية عشر ألف عالم من الملائكة على الأرض والأرض أربع زوايا كل زاوية منها أربعة آلاف وخمسمائة عالم خلقهم الله لعبادته. أخبرنا اسماعيل بن أحمد قال: أخبرنا عاصم بن الحسن قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: حدثنا أبو صفوان قال: حدثنا أبو بكر القرشي قال: حدثني إسحاق بن حاتم المدائني قال: حدثنا يحيى بن سليم عن عثمان بن أبي دهرس قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن بهذا المغرب أرضًا بيضاء مسيرة للشمس أربعين سنة بها خلق من خلق الله لم يعصوا الله طرفة عين قالوا: فأين الشيطان عنهم قال: " ما تدرون خلق الشيطان أم لم يخلق " قالوا: ومن وراء آدم هم قال: " وما تدرون خلق آدم أم لم يخلق ".
قد روينا في الحديث عن مجاهد أنه قال: ملك الأرض أربعة أنفس: مؤمنان وكافران فأما المؤمنان فسليمان بن داود وذو القرنين وأما الكافران فبخت نصر ونمرود. وقد حكى أبو الحسين بن جعفر المنادي أن هشام بن محمد والشرقي بن قطامي قالا: ملك الدنيا كلها من الجن والإنس ثمانية: فثلاثة منهم من ولد جان: جيومرث وبعضهم يقول جيومرب بالباء ثم ملكها بعده طهمورث ثم ملكها من بعده ابنه أوشنج فخلق اللّه تعالى آدم على عهد أوشنج وكان أول من ملك الدنيا من أولاد آدم جمشاد بن بونجهان من ولد قابيل وكان يقطع الدنيا كل يوم كما تقطعها الشمس يضحي بالمشرق ويمسي بالمغرب ملكها بين آدم ونوح. والثاني: نمرود بن كنعان بن حام بن نوح. والثالث: بوارسب وهو الضحاك بين الأهبوب. والرابع سليمان. والخامس ذو القرنين. قلت: وإذا أضيف بخت نصر صاروا ستة إلا أن هذا القول لا أراه ثابتًا. وسنذكر جيومرث وطهموث في أولاد آدم.
اعلم أن الأرض كان طبقًا واحدًا فشقها سبحانه سبعًا وكذلك السماء. قال كعب: هنه الأرض على صخرة خضراء في كف ملك وذلك الملك قائم على ظهر الحوت وذلك الحوت منطو بالسموات السبع من تحت الأرض. وقال ابن عباس: الصخرة على منكبي ملك والملك على الثور والثورعلى الماء والماء متن الريح. وقال وهب: اسم الحوت بهموت.
روى عطاء بن يسار أنه سأل كعب الأحبار فقال له: من ساكن الأرض الثانية فقال: الريح العقيم لما أراد اللّه عز وجل هلك قوم عاد أوحى إلى خزنتها أن افتحوا منها بابا قالوا: يا ربنا مثل منخر الثور قال: اذن تتلف الأرض بمن عليها فاستأذنوا ربهم فضيق ذلك حتى جعله مثل حلقة الخاتم قال: فقلت: من ساكن الأرض الثالثة قال حجارة جهنم قال: قلت: فمن ساكن الرابعة قال: كبريت جهنم قلت: فمن ساكن الأرض الخامسة قال: حيات جهنم قال: قلت: وان لها الحيات قال: نعم والذي نفسي بيده كأمثال الأودية قلت: فمن ساكن السادسة فقال: عقارب جهنم كأمثال البغال ولها أذناب كالرماح يلقى إحداهن الكافر فيلسعه اللسعة فيتناثر لحمه على قدمه قلت: فمن ساكن السابعة قال: تلك سجين وفيها ابليس موثق يد أمامه ويد خلفه ورجل أمامه ورجل خلفه فيأتيه جنوده بالأجنان في مكانه وقد روى الضحاك عن ابن عباس قال: في كل أرض آدم كآدمكم ونوح كنوحكم. ومعنى هذا أن لكل الأرض ساعة يقوم كبيرهم ومتقدمهم مقام آدم ونوح فينا.
هذا الجن ثلاثة أنواع: جان وجن وشياطين ولا خلاف أن الكل خلقوا قبل آدم. فأما الجان: ففيه ثلاثة أقوال أحدها: أنه أبو الجن رواه أبو صالح والضحاك عن ابن عباس وهومخلوق من نار. أخبرنا ابن الحصين قال: أخبرنا ابن المذهب قال: أخبرنا أحمد بن جعفر قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: " خلق الجان من مارج من نار وخلقت الملائكة من نور ". وروى الضحاك عن ابن عباس قال: المارج لسان النار الذي يكون في طرفها إذا التهبت. وروى عكرمة عن ابن عباس قال: كان أبو الجن اسمه سوما فقال الله له: تمن فقال: أتمنى أن نرى ولا نرى وأن نغيب في الثرى وأن يصير كهلنا شابًا فأعطي ذلك فإن الدهر ليمرعلى والثاني: أن الجان هو الاثنين قاله الحسن وعطاء وقتادة ومقاتل. والثالث: أن الجان مسيخ الجن. أخبرنا إسماعيل بن أحمد المقري وعبد اللّه بن محمد الحاكم ويحيى بن محمد المدبر قالوا: حدثنا أبو الحسين بن النقور قال: أخبرنا عبيد الله بن جشامة قال: حدثنا البغوي قال: حدثنا هدبة قال: حدثنا همام عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال: الجان مسيخ الجن كما أن القردة والخنازير مسيخ الإنس. وأما الشياطين: فكل متجبر عات من الجن. وهو مأخوذ من شطن أي بعد عن الخير وقيل بعد غوره في الشر. وكذلك المارد والعفريت. وقد روى الضحاك عن ابن عباس قال: الشياطين ولدان ابليس لا يموتون إلا مع إبليس. والجن: يموتون ومنهم المؤمن ومنهم الكافر. وقال السدي: في الجن شيعة وقدرية ومرجئة. قال عبد الله بن عمرو بن العاص: خلق الله الجن قبل آدم بألفي سنة. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الغيلان فقال: " هي شجرة الجن ". وقيل عند عمر بن الخطاب رضي اللهّ عنه أن الغيلان تتحول عن خلقها فقال إنه ليس شيء وروى أبو الدرداء عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: " خلق الله الجن على ثلاث أصناف صنف حيات وعقارب وخشاش الأرض وصنف كالريح في الهواء وصنف عليهم الحساب والعقاب. وخلق الإنس على ثلاثة أصناف: صنف لهم قلوب لا يعقلون بها وصنف أجسادهم أجساد بني آدم وأرواحهم أرواح الشياطين وصنف في ظل اللّه يوم لا ظل إلا ظله ". واختلف الناس هل يدخل مسلمو الجن الجنة فقال الضحاك: يدخلون الجنة ويأكلون ويشربون. وقال مجاهد: يدخلونها ولكن لا يأكلون فيها ولا يشربون يلهمون من التسبيح والتقديس ما يجد أهل الجنة من لذيذ الطعام والشراب. وقال ليث بن أبي سليم: ثوابهم أن يجاروا من النار ويقال لهم: كونوا ترابًا.
|